دلالات تجديد الثقة للرئيس السيسى
بقلم: القس بولا فؤاد رياض
كاهن كنيسة مارجرجس، المطرية- القاهرة
في البداية كانت نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة ٢٠٢٤ لها دلالات أهمها: اقتناع الشعب بالرئيس كقائد ورأس للدولة المصرية الجديدة.
الأرقام لا تكذب. فنجد أن نسبة الذين أدلوا بأصواتهم ٦٦.٨ % من مجموع الناخبين المقيدين بالجداول الانتخابية. وهي تُعتبر نسبة قياسية لم تحدث من قبل في الانتخابات، ونجد نجاحاً ساحقاً حصل عليه الرئيس حيث بلغت نسبة الموافقة على سيادته ٨٩.٦ %. وبتحليل هذه الأرقام نستنتج الحقائق التالية:
١- قناعة الشعب المصري الأصيل بالرئيس كزعيم وقائد للدولة في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها البلاد.
٢- دعم شعبي ليس له مثيل يشبه دعم ٣٠ يونيو.
٣- تفويض للرئيس لاستكمال بناء الجمهورية الجديدة التي وضع قواعدها وأسسها منذ ١٠ سنوات.
٤- تفويض شعبي في اتخاذ ما يلزم لحماية الأمن القومي المصري من المخاطر التي تُحيط بحدود الدولة المصرية من جميع الجهات. وعلى الأخص الحدود الشرقية للبلاد التي تشهد اعتداءً إسرائيليا غاشماً على شعب غزة الأعزل، ودمار شامل للقطاع لم يشهد العالم مثله منذ الحرب العالمية الثانية. بغية تهجير شعب غزة إلى سيناء. والذي قابله الرئيس بالرفض الواضح للتهجير القسري ولا سيما إلى مصر وذلك حفاظاً على إحياء القضية الفلسطينية وعدم موتها.
٥- أظهرت نتائج الانتخابات دليلاً على أن الشعب كله مؤيد للرئيس فيما اتخذه من قرارات أو إجراءات، ويفوضه فيما يراه صالحاً لمصالح البلاد.
والسؤال هو: لماذا خرج المصريون بهذه الكثافة الكبيرة؟ ولماذا خرج الأقباط بهذه الكثافة في هذه الانتخابات؟
لا شك أن الإنجازات العظيمة التي لمسها الشعب من الرئيس طوال الـ ١٠ سنوات الماضية جعلتهم يسلكون هذا المسلك. والإنجازات كثيرة وعظيمة لا حصر لها يمكن إيجازها فيما يلي:
١- الأمن والاستقرار: فقد نجحت مصر خلال ال ١٠ سنوات الماضية في:
أ- القضاء على العديد من التنظيمات الإرهابية:
١- القضاء على تنظيم الدولة في سيناء والذي كان يُشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي في المنطقة وعائق أمام تنمية سيناء.
٢- القضاء على جماعة الإخوان التي كانت تسعى للسيطرة على البلاد.
٣- القضاء على العديد من التنظيمات الإرهابية الأخرى مثل (تنظيم القاعدة، تنظيم أنصار بيت المقدس).
ب- تعزيز القدرات العسكرية والأمنية المصرية:
١- زيادة الإنفاق على القوات المسلحة.
٢- تطوير التسليح والتدريب العسكري.
٣- تعزيز التعاون الأمني مع الدول العربية والدولية.
ج- مسافة السكة:
– وقَّعت مصر العديد من الاتفاقيات الأمنية مع الدول العربية والدولية.
د- النمو الاقتصادي: نجحت مصر خلال الـ ١٠ سنوات الماضية في الآتي:
١- إنشاء قناة ومحور قناة السويس: وهو مشروع ضخم يهدف إلى تنمية منطقة قناة السويس وزيادة حركة التجارة العالمية.
٢- مشروع الدلتا الجديدة: ويهدف إلى استصلاح ٣ ملايين فدان من الأراضي الزراعية وبالتالي توفير فرص عمل جديدة للمواطنين.
٣- العاصمة الإدارية الجديدة: مشروع مدينة ذكية وصديقة للبيئة تساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية، وبالتالي خلق فرص عمل جديدة للشباب.
٤- زيادة صادراتنا للأسواق العالمية بنسبة ٢٠%.
٥- جذب الاستثمارات الأجنبية إلى مصر (أكثر من ٢٠٠ مليار دولار استثمارات مباشرة، إنشاء العديد من المجمعات الصناعية الجديدة مثل مجمع الصناعات الكيميائية في قناة السويس، مجمع الصناعات الغذائية في غرب القاهرة وغيرها… إلخ)
هـ-التنمية الاجتماعية: تنفيذ برنامج حياة كريمة يستهدف المناطق الفقيرة لتحسين حياة المواطنين فيها وتوفير الخدمات الأساسية لهم:
١- القضاء على الأمية: انخفض معدل الأمية في مصر من ٢٥% عام ٢٠١٤ إلى ١٨% عام ٢٠٢٣.
٢- الرعاية الصحية: نجحت مصر في القضاء على فيروس سي وتم تكريمها من الأمم المتحدة، ونجحت مصر في مقاومة فيروس كورونا دون سقوط النظام الصحي الذي شهدته أوروبا.
٣- زيادة معدلات التطعيم: (شلل الأطفال، الحصبة، الملاريا)
٤- توفير السكن الملائم للمواطنين: والقضاء على العشوائيات ونقلهم إلى مساكن آدمية متطورة.
٥- دعم ذوي الهمم بإنشاء صندوق رعاية لهم والمؤسسات التي تدعمهم.
و- العلاقات الخارجية:
1- عودة مصر إلى الإتحاد الأفريقي بعد تعليق عضويتها في الإتحاد عقب ثورة ٣٠ يونيو عام ٢٠١٣، وبعد نجاح الدبلوماسية المصرية في إقناع الرأي العام الأفريقي أن ما حدث في مصر هو ثورة شعبية، وبالتالي تم إعادة قبولنا مرة أخرى عام ٢٠١٤.
2- عضوية مصر في مجلس الأمن الدولي: تم انتخاب مصر عضواً غير دائم في مجلس الأمن الدولي لمدة عامين في ٢٠٢٢.
3- تنظيم المؤتمرات الدولية في مصر: مثل مؤتمر تغيُّر المناخ COP 27 عام ٢٠٢٢، مؤتمرات الشباب (منتدى شباب العالم).
وغيرها من المجالات التي تعتبر إنجازات عظيمة حقّقت لمصر الأمن والاستقرار والنمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية وتعزيز العلاقات الخارجية.
كل ذلك جعل جموع المصريين يخرجون بكثافة .
وللإجابة على السؤال: لماذا خرج الأقباط أيضاً بنفس الكثافة؟
خرج الأقباط لنفس الأسباب السابقة بالإضافة إلى ذلك فهناك أسباب خاصة بهم:
– فالأقباط هم نسيج وطني يقف بشدة مع الدولة عند المحن، تلبية لنداء الكنيسة الوطنية المتمثلة في رأس الكنيسة، البابا تواضروس الثاني، الذي دعا جموع المصريين للخروج بقوة، وكذلك المجمع المقدس مُتمثلاً في لجنة العلاقات العامة ومقررها المطران الأنبا بيمن مطران نقادة وقوص.
– شعر الأقباط بالمواطنة الحقيقية وإخلاص رئيسهم في مواقفه البطولية، فهو اقتص لمقتل شهداء الكنيسة الـ٢١ شهيداً في ليبيا دون تردد في نفس الليلة التي أستشهد هؤلاء فيها، بتوجيه ضربة مُوجعة لتنظيم داعش في سرت بليبيا.
– أصبحت مصر تُقدم نموذجاً يحتذى به في احترام حريات المسيحيين في إقامة شعائرهم، وعبادتهم خاصة مع تدهور أوضاع المسيحيين في عدة دول بالشرق الأوسط.
– شعر الأقباط بمبدأ المواطنة بخطوات جريئة وتحركات ملموسة من رأس الدولة لمناهضة الفكر المتطرف وتحقيق مبدأ المواطنة بالتعايش السلمي.
– شهدت مصر في عهد الرئيس طفرة بتعمير وبناء الكنائس بعد صدور قانون بناءها عام ٢٠١٦ والذي انطلق ببناء كاتدرائية ميلاد المسيح للأقباط الأرثوذكس بالعاصمة الإدارية على مساحة ١٥ فدان (ما يعادل ٦٣ ألف متر مربع) وتُعد أضخم كاتدرائية في الشرق الأوسط، والتي افتتحها الرئيس السيسي مطلع عام ٢٠١٨ مع الاحتفال بعيد الميلاد المجيد. حيث أُقيم فيها أول قداس للعيد برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية. وبعد موافقة مجلس النواب على قانون بناء وترميم الكنائس بدأت لجنة تقنين الأوضاع عملها برئاسة د. مصطفى مدبولي- رئيس مجلس الوزراء- وتم توفيق أوضاع حوالي ٢٩٠٠ كنيسة ومبنى تابع لها، وكما قال قداسة البابا أصبحت أوضاع الأقباط حالياً أفضل بكثير بفضل قانون بناء الكنائس الذي يسمح للمصريين المسيحيين ببناء كنائس جديدة. وقد تم خلال الـ ٩ سنوات الماضية إصدار تراخيص ل ٢٥٠٠ كنيسة.
– حرص الرئيس الدائم على تحقيق المساواة والعدالة بين كافة أطياف الشعب المصري (أقباط، مسلمين، المرأة، الطفل، ذوي الهمم) كلهم نسيج واحد، كلهم مصريون. وتمثيل عادل لكل فئات الشعب في مجلسى النواب والشيوخ، ونتمنى تمثيلهم في انتخابات المحليات القادمة لأن الرئيس يبني دولة جديدة، وعلى الشعب أن يساهم في بناء هذه الدولة ويدعمها، وأصبح المصريون في عهده يعيشون سوياً بروح الأسرة الواحدة.
– وقد اعتاد الرئيس على حضور قداس عيد الميلاد المجيد بكاتدرائية الميلاد بالعاصمة الإدارية الجديدة وهو بذلك يعتبر أول رئيس يشارك أبناءه الأقباط بالحضور شخصيًا للتهنئة بالأعياد فصارت فرحة العيد فرحتين.
– توجيهات الرئيس الدائمة ببناء كنيسة داخل أي مدينة أو تجمع سكني جديد.
حقاً إن الدور الذي تقوم به الدولة لدعم العلاقات بين أبناء الوطن الواحد رافعة شعار “الدين للديَّان والوطن للجميع” فأرسى الرئيس مبدأ المواطنة حقيقة على أرض الواقع.
أخيراً، ماذا نريد من الرئيس في المرحلة الجديدة؟
نحن نعلم أن هناك تحديات كثيرة ليس لنا يد فيها، ولكن لدينا الثقة في فخامتكم للقضاء عليها- بمعونة الله لسيادتكم- ومن هذه التحديات: (مشكلة الفقر، الارتفاع الجنوني للأسعار نتيجة جشع بعض التجار، مشكلة البطالة، مشكلة الفساد وهي أخطرهم التي تأكل كل الإنجازات كالجراد).
عليكم يا فخامة الرئيس بالضرب بيد من حديد على يد من يستغل قُوْت الشعب، ويستغل أو يصنع الأزمات لتحقيق مكاسب مادية باهظة على حساب قوْت الشعب.
نطلب من الله أن يعين فخامتكم لمواصلة جهودكم الصادقة لمعالجة هذه التحديات والقضاء عليها بنسبة كبيرة، فنحن نؤمن أنه لا يوجد شئ كامل بل هناك بعض السلبيات. فنحن لا نعيش في دولة أفلاطونية بل كلنا بشر مُعرضين للخطأ والخطيئة، فعلى بركة الله سِر أيها القائد العظيم لتُرسي قافلة البناء إلى بَرِّ الأمان.
وكل عام وفخامتكم بألف خير وسلام بمناسبة العام الجديد ٢٠٢٤م
جعله الله عاماً يعم فيه السلام لبلادنا مصر والعالم أجمع بصلوات قداسة البابا تواضروس الثاني.