الجزء ٢٠ ” هناك في شيكاجو”
بقلم / هناء شلبي
زيارة
يوم زيارتك لنا كان مميّزًا، مختلفًا، كلّ شيء بدا جميلًا في عينيّ. البسمة لم تفارق شفتيّ منذ الصّباح. الإشراقة ارتسمت على وجنتيّ. لقد جاء الموعد الّذي كنت أنتظره بشغف كبير كما كلّ أنثى. الأيّام مرّت طويلة وبطيئة قبل قدومه، وكأنّه لن يأتي. شاركني البهجة فستاني الّذي انتقيته بعناية. كنت كما بقيّة أفراد أسرتي أحوم كالنّحلة من مكان إلى آخر أساعد في تزيين البيت.
رغم المجهود الّذي بذلته ذلك اليوم، إلّا أنّ كلّ جزء من جسدي كان يتمايل بفرح لم يألفه من قبل. بدا البيت بحلّة جديدة. أعدّت أمّي معظم أصناف الحلوى الّتي تتقنها ونعشقها. والدي بدا هادئاً لم يفارق شاشة التّلفاز منذ قدومه من العمل. حينما قرع جرس الباب، التقاك والدي لأوّل مرّة. لا أدري إن رآك كما وصفتك له، الشّاب الخلوق الوسيم. لم أنتبه أيضًا إن لاحظ يدك اليمنى الّتي تفتقد إصبعها الصّغيرة. كنت أستمع إلى كلّ كلمة دارت بينكما.
أهلًا وسهلا بك، تفضّل.
أهلًا بك عمّي، سعيد جدًّا بمقابلتك الكريمة.
جلست حينها على المقعد الأوّل الّذي قابلته. اختار أبي الجلوس على المقعد الّذي على يمينك ربّما ليكون أكثر قربًا منك، أو ليتعرّف إليك أكثر، أمّا أمّي فقد اختارت أن تجلس بالقرب منّي لعلمها الشّديد بمدى خجلي. حينما اخترت المقعد الّذي يقابل مقعدك شعرت بالخجل قليلًا، لكنّ رغبتي في رؤيتك أمامي تغلّبت على هذا الشّعور. لا أدري إن لاحظت نظرات نور وهي ترمقك بنظراتها الخفيفة الظّل. لم تجد نور مكانًا أنسب من الوقوف على مقربة من الممرّ الّذي يؤدّي إلى المطبخ استعدادًا لتقديم الحلوى والعصير، أو للهرب إن التقت عيناها بعينيّ، ولم تستطع كتمان ضحكاتها.