الجزء ٢٣ “هناك في شيكاجو”
بقلم / هناء عبيد
لم يكن يومًا سعيدًا على أحد، لا أظنّ أنّ أحدهم غفلت له عين، أو استطاع أن يخلد إلى النّوم بهدوء. بين الحين والآخر كانت نور تطرق الباب، لعلّني أسمح لها بالدّخول، لكنّ روحي المحطّمة آثرت البقاء بانفراد. كان طيفك يلازمني طوال اللّيل. الأسئلة تحوم حول رأسي، هل سيكون هذا آخر لقاء، هل سيغيّر والدي موقفه؟ هل ستكون لي في يوم ما؟
استطعت أن أسرق ساعة لأنام فيها بعيدًا عن بكائي المتواصل وقلبي المقبوض. استيقظت عند أوّل شعاع شمس تسرّب إلى الغرفة، ليتطفّل على رغبتي في السّكون، وفي ليل طويل لا يعقبه نهار. أرجو ألا تغضب منّي يومًا، لن أطلب منك أن أكون حلمك كما أنت لي. لا أدري إن كنت حاولت أن تلتقيني في الجامعة، أو تسترجع طيفي مع كلّ كتاب تقرؤه، أو عند أيّ حديث عن أرض ووطن. لم يكن بيدي من الأمر شيء، فقد انتقلت إلى جامعة أخرى حسب طلب والدي لي. لن أجرؤ على نعت والدي بالقاسي رغم أنّه أصدر حكمًا قاسيًا قتل فيه أحلاماً في مهدها. وددت التّعرف إلى أخبارك، لكنّه الوعد الّذي قطعته على نفسي لوالدي. ليتني خنثت الوعد، لأخرج من ذلك القبر الّذي سكنته عند فراقك. ها أنذا الآن أسكن في عالم آخر، أعيش متاهاتي بعيدًا عنك.