رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يؤكد أن الأمة فى حاجة إلى التمسك والإعتصام
بقلم / المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
رئيس تحرير جريدة الأمة العربية ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لا شك فيه أن مراحل التحول التاريخى فى حياة الأمم والشعوب تحتاج إلى تضافر المجتمعات ووحدة صفها، وجمع كلمتها، وإرساء القيم المثلي، والمباديء العالية، والأخلاق الفاضلة، حتى يكتمل بناء الأمة على نحو قويم.
فما أحوجنا إلى التحلى بمكارم الأخلاق، وأن يتحاب الناس فيما بينهم، وألا يعادى بعضهم بعضا، ولا يحسد بعضهم الآخر كما أرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم بتنقية المجتمع من الرذائل قبل التحلى بالفضائل، فالتخلية مقدمة أولا لتصفية المجتمع وتنقيته، ثم يكون بعد ذلك التحلى بالفضائل.
ولقد كان الهدى النبوى مركزا على التخلى عن الرذائل قبل التحلى بالفضائل ففى الحديث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “لاتحسسوا ولاتجسسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا”.
فنهى أولا عن الرذائل ثم أمر آخر بالتحلى بالفضائل فقال: “وكونوا عباد الله إخوانا”.
وفى بعض الروايات: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله ولا يحقره بحسب امريء من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه”.
إن التربية الاسلامية التى وجهتنا إليها أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم راعت فى توجيهها التخلى عن الرذائل أولا، وذلك لتنقية المجتمع من بعض التصرفات التى قد يقع فيها كثير من الناس دون أن يشعروا.
ثم كان التوجيه إلى التحلى بالفضائل وبالقيم المثلى والأخلاق الفاضلة.
حتى لا ننسى ونحن نبنى مجتمعنا الجديد أن نترك قيمنا الإسلامية الأصيلة، وألا ينسى بعضنا بعضا، بل واجبنا أن نتحاب وأن نتواد وأن نتآلف وأن نتعاطف، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمي” إن الحديث النبوى الشريف شبه الناس فى تعاونهم وتآلفهم بالجسد الواحد حتى يظل الناس على قلب رجل واحد، فيشعر كل بشعور أخيه، فلا يظلمه ولا يسيء إليه ولا يخذله ولا يقع فى غيبته أو نميمته بل يكون محبا لإخوانه ويكون معهم قوة له ولهم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا”.
إن المرحلة التى يمر بها مجتمعنا تحتاج منا أن نتحاب، وأن نتواد وأن يحب كل إنسان لأخيه مايحبه لنفسه.
وكثيرا ما ربط الرسول صلى الله عليه وسلم رابطة الايمان بالأخوة وجعل كمال الإيمان لايتم إلا إذا أحب الانسان لأخيه ما يحبه لنفسه، عن أنس بن مالك رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه” رواه البخارى ومسلم.
ولنكن على يقين، فى الوقت الذى يعبر مجتمعنا هذه المرحلة أننا فى أمس الحاجة إلى تأكيد الصلة بالله سبحانه وتعالى طاعة له وتوكلا على الله، فلانسأل إلا الله ولا نتوكل إلا على الله، وإلى جانب هذا نأخذ فى الأسباب، ونتابع الاخلاص فى العمل ولنكن على يقين أن الذين يتوكلون على الله ويأخذوأن فى الأسباب يرعاهم الله جل وعلا ولا يمسسها سوء.
عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: كنت خلف النبى صلى عليه وسلم يوما فقال: “ياغلام إنى أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف” رواه الترمذي.
وفى رواية أخري: “احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله فى الرخاء يعرفك فى الشدة، واعلم أن ما اخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا” رواه احمد والطبراني.
إن واجبنا فى مرحلة التحول التاريخى التى تمر بها أمتنا أن نحافظ على العلاقات الانسانية والاجتماعية، وأن ننآى بأنفسنا عن كل مايسيء العلاقات، عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر مانهى الله عنه” رواه البخارى ومسلم.
وأكد الاسلام حرمة النفس والمال والعرض، وقد أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فى حجة الوداع حيث قال: “إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا”.
وتأكيدا للعلاقات الإنسانية بين الناس وضح الرسول صلى الله عليه وسلم حق المسلم على أخيه المسلم، عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة وتشميت العاطس” رواه البخارى ومسلم.
وهى حقوق لاتلزم الانسان لمجرد رابطة من روابط الرحم بل هى حقوق تجب عليه لأنه مسلم، ولأنه آمن بالله ربا وبالاسلام دينا وبسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا.
وفى حديث آخر عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حق المسلم ست إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه) رواه مسلم.
وواجب المجتمع أن يقوم بالتناصح والتواصى بالحق وبالصبر وقد وضح رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يرضاه الله تعالى لعباده وما يكرهه لهم حيث قال: “إن الله تعالى يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا، فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم، ويكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال وإضاعة المال” رواه مسلم.
إن واجب مجتمعنا فى هذه الآونة التى نمر بها، أن نحافظ على البناء الأخلاقي، وأن نحمى أمتنا من غوائل الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وأن نعمل على انتشار الفضيلة، وتنقية المجتمع من كل شر وباطل، وأن نخلص جميعا فى عملنا، حتى تتم سعادة المجتمع وهناءته.
وأن نبتعد عن الظلم فلا يظلم أحد أحدا، ولا يستعلى أحد على أحد. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فان الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمه.