900
900
مقالات

صفوت عمران يكتب: العشاء في حضرة عمر الشريف!

900
900

في شتاء 2007؛ تلقيت دعوة من البيت الفني للمسرح برئاسة الصديق الدكتور أشرف زكي،وقتها، لحضور افتتاح مسرح «بيرم التونسي» بالإسكندرية، والتي تقرر أن يكون إعادة افتتاحه بعد سنوات من الإغلاق، بتقديم رائعة وليم شكسبير العرض المسرحي «الملك لير» بطولة الفنان والإنسان المحترم يحيي الفخراني وصديقي الفنان احمد سلامة وعدد من المبدعين، وكان الجميل في تلك السفريات أنك تشاهد الفنانين وتتعامل معهم عن قرب ليس بصفتهم نجوم ولكن تتعامل معهم كبشر حيث تكتشف أخلاقهم وصفاتهم الإنسانية عن قرب بعيد عن الأضواء والكاميرات.
#في نفس التوقيت؛ كان الفنان الكبير عمر الشريف بدأ تصوير مسلسله التفلزيوني «حنان وحنين» في الإسكندرية، والذي أحدث وقتها ضجة كبيرة فنياً وإعلامياً تتناسب مع قيمة النجم العالمي الذي يعود بعد غياب طويل للتمثيل في مصر من خلال عمل درامي، عمل سخرت له الشركة المنتجة «مدينة الإنتاج الإعلامي» كل الإمكانيات ليخرج بالشكل المناسب، وسط اهتمام إعلامي كبير، وعقدت مؤتمر صحفي ضخم للإعلان عن بدء التصوير.
#قررت ألا تكون رحلة الإسكندرية، لمتابعة افتتاح مسرح «بيرم التونسي» وعمل حوارات مع نجوم مسرحية «الملك لير» وعلى رأسهم يحيي الفخراني، بينما يوجد على بعد خطوات فنان عالمي بحجم عمر الشريف، وقتها لم يكن بيننا سابق معرفة ولا أعرف أي وسيلة إتصال به، فتواصلت مع مؤلفة ومخرجة العمل الصديقة ايناس بكر – رحمة الله عليها – والتي كانت تعمل مديرة أعمال عمر الشريف في مصر، وكانت محل ثقته وعينه التي يرى بها مصر، فقلت لها: «عايز اعمل حوار مع الاستاذ عمر»، فقالت لي انها سوف تنتظري الساعة 9 مساء الغد في «فندق سيسل» الشهير، حيث يقيم الفنان الكبير، لترتيب لقاء لن يزيد عن 20 دقيقة، مع الأستاذ لأن وقته ضيق ومشغول في تصوير المسلسل، وافقت جداً وقلت إنها مدة كافية لحوار مع نجم بحجم عمر الشريف.
#طوال الليل كنت بحضر للحوار والأسئلة، وقبل الموعد المحدد بنصف ساعة كنت في الفندق، وفي التاسعة إلا خمس دقائق اتصلت بـ«الاستاذة إيناس» إلا أن موبيلها مغلق، سألت عنها في الفندق قالوا خرجت من الصباح ولم تعد، توترت جداً وبدأ شعور بأن «الحوار انضرب» وإني «هرجع القاهرة بخفي حنين» وليس بحوار مع بطل مسلسل «حنان وحنين» .. جلست بعدها 10 دقائق اعاود الاتصال أكثر من مرة التلفون مغلق.
#مع زيادة التوتر قلت أسأل عن الفنان عمر الشريف لتكون المفاجأة أنه موجود في مطعم الفندق يتناول العشاء مع أحد أصدقائه .. نظرت إلى المطعم وجدته مضاء أضاءة خافته ولا يوجد به إلا الفنان وصديقه يتناولان العشاء، هنا لم أعد أعرف ماذا أفعل، هل اقتحم خصوصيته؟! ولا يوجد سابق معرفة بيننا، أم «احترم نفسي وامشي واتقبل ضياع الحوار لعدم وجود ايناس بكر»، ومع رغبتي الملحة بـ«الحوار مع عمر الشريف» خاصة أنه لم لدي يعد وقت، وكان مقرر عودتي للقاهرة صباح اليوم التالي، قررت المجازفة والذهاب له بمنطق «لا صابت لا اتنين عور» وكان الحوار التالي…
#مساء الخير استاذ عمر .. انا صفوت عمران صحفي في جريدة الجمهورية وجاي من القاهرة مخصوص لعمل حوار مع حضرتك.
#يبدو أن الجملة كان لها مفعول السحر على عمر الشريف وهي جملة غير مرتبة وبتوفيق من ربنا.. قالي لي: «اهلاً وسهلاً اتفضل أقعد» وارتسمت على وجهه الابتسامة.. هممت بالذهاب إلى «ترابيزه» جانبيه فقد توقعت أنه سوف يتحدث معي بعد ما ينتهي من تناول العشاء مع صديقه .. إلا أنني وجدته يقول لي: اتفضل أجلس معانا .. جلست على نفس الترابيزه .. فبادر بسؤالي: تتعشى ايه؟ اعتذرت منه .. ومع تصميمي طلب لي عصير .. وأيضاً وقتها عرفت أنه يتعامل بمنتهى الاحترام .. فجلست صامت حيث توقعت أنه سوف يجري الحوار معي بعد الانتهاء من العشاء الا أنني وجدته يطلب مني البدء بالحوار حالا!.
#انطلقت أسأله وانتقلت به من المسلسل وعودته لمصر إلى أمريكا، ومن الفن إلى السياسة وعلاقته بـ«الرؤوساء جمال عبدالناصر وانور السادات وحسني مبارك»، ورؤيته للشعب المصري،وعندما كان ينفعل من سؤال مزعج ابادره بسؤال يهدي من غضبه لأجد أن الحوار الذي كان مخطط له 20 دقيقة فقط يمتد إلى «90 دقيقة» أي ساعة ونصف.. وربما بعد مرور ساعة من الحوار جاءت إيناس بكر لتنضم الينا وتعتذر عن التأخير بسبب التصوير .. وهي من التقطت لي عدة صور مع الفنان الكبير عمر الشريف منهم الصورة المرفقة التي تحمل مودة كبيرة وتواضع شديد منه وتبدوا وكأننا اصدقاء من زمن طويل .. رحم الله الفنان الكبير واتمني أن يتعلم الفنانين الشباب الاحترام والتواضع والثقافة والإبداع وحب العمل والوطنية من الفنانين الكبار الذين كانوا ومازلوا جزء مهم من قوة مصر الناعمة.

اترك تعليقك ...
900
900
زر الذهاب إلى الأعلى