بداية جديدة / تألم حتى تشفى
بقلم / فاطمة مصطفى
أ. الصحة النفسية والعلاقات الأسرية
يتعرض كلا منا لموقف فى حياته يجعل منه شخص غير متزن نفسيا لبعض من الوقت و يأثر ذلك على افعاله سواء على المستوى الشخصى او العملى و بالتأكيد يكون التأثير ( سلبى جدا ) و تتفاوت درجاته من شخص الى اخر حسب قوة او ضعف شخصيته و البيئة المحيطة به ، و لكى لا يتم تشتيت فكرك عزيزي القارئ سوف نلقى الضوء فقط عن كيفية التعافى او الشفاء من هذه المرحلة اى كان نوع الشخصية التى تتألم و ترغب فى الوصول الى السلام النفسى مرة اخرى .
من اهم اسباب الشفاء هى ان ( تتألم حقيقى ) و يشعرعقلك بهذا و يبدأ فى ترجمة الالم الى افعال على ارض الواقع فى اى صورة من الصورالاتية ( صمت – بكاء – انفعال – حدة فى ردود الافعال – عزلة و الابتعاد عن الناس ) كل هذه الصور تعتبر نمط من انماط التألم و قد تكون لفترة ليس بقصيرة و هى تعتبر من اصعب الفترات و اشرسها لانك بتواجه الالم بدون اى مسكنات…..هو تسائل واحد فقط سوف يدور فى عقلك لماذا حدث ذلك ؟ و تستمر المواجهة بين نفسك و عقلك …. نفسك تتألم و ترفض و عقلك يترجم و للاسف يستمرهذا الصراع طويلا بين رفض و قبول الى ان ينتصر العقل …. و ياتى هنا السؤال الاكثر اهمية كيف انتصر العقل ؟ بكل بساطة و شفافية عندما لا تجد اى ايجابة عن التساؤلات التى جعلت منك شخص غير متزن نفسيا فهنا قد انتصر العقل … لان من الطبيعى ان اى موقف يحدث فى الواقع بيكون له اسباب و نتائج فاذا لم تجد اى ايجابة تشبع بها رغبتك و نفسك اولا فهنا انتصر العقل فى ترجمه الحدث .. شدة و حدة الالم النفسى الذى تشعر به سوف يجعل منك شخص متوحش و فى نفس الوقت ضعيف جدا ، سوف تفعل كل ما بوسعك لكى تتفادى هذا الالم و كل ما الالم يشتد كل ما رغبتك فى التخلص بتزيد و هنا تصدق مقولة ( تألم حتى تشفى ) لانه لا يوجد انسان على وجه الارض يريد ان يتعذب او يشعر باهانة او اى الم و بما ان قوة الالم تشتد فهى بتصل الى اقصى درجة من درحات ضعفها جوالك لكى تتلاشى …..ننتقل فيما بعد الى النقطة الاقل حدة فى الالم و هى التأقلم و التعايش و الرجوع الى حياتك السابقة تبدا فى العمل بشكل اكثر و اعمق بحيث لا يكون لديك وقت لكى تنفرد بنفسك التى تحاول جاهدا ان تصدق ما فرضه العقل عليها من ايجابة و تكون هذه المرحلة صراع ايضا و لكن من نوع اخر كانك بتحاول تثبت لنفسك انك شخص ناجح و قوى و قادرعلى التقدم و انك غير فاشل او شخص غير مرغوب فيه او ضعيف بالعكس تماما ، فتبذل جهدا مضاعف بل اضعاف ما كنت تقوم به قبل ذلك وللاسف هذا ايضا لا يشبع رغباتك فتبدأ ان تبحث عن اى مهارات داخلية و تكتشفها او هواية كنت تمارسها و توقفت عنها مثل ( الرياضة ) تبدا من تانى ان تمارس بعض الالعاب الرياضية و مع الوقت شكلك الخارجى سوف يتغيرللاحسن و بالتالى ثقتك فى نفسك فى تزايد و كانك بتقول لها انا قادر انا ناجح انا حكمل كل هذه المحاولات هى مجرد تسكين و تخفيف للالم او بمعنى ادق تلاشى الالم و بدات مرحلة الاكثر قوة و خطورة و هى سؤال النفس ومراجعتها هل انا على صواب ام خطا ؟ و ياتى هنا دور العقل مرة اخرى لكى ينتصر على النفس هل من ايجابة لماذا حدث ذلك …؟ بالطبع لا ….لا توجد ايجابة. سوف نلاحظ هنا ان شدة و حدة الالم تتلاشى بعنصريين اساسيين هما العمل و الاجتهاد فيه و مواجهة الالم نفسه و ليس الهروب منه تستوقفنى هنا عبارة ( احترم حزن قلبك ) من حق اى شخص ان يحترم مشاعره جيدا و يواجهها و يقدرها و يعطيها الوقت الكافى لكى تستطيع ان تفرز مشاعر الغضب و الحزن بكل الطرق لان مشاعر الالم من اكثر المشاعر قسوة و التى لا يرغب الانسان فى ان يشعر بها مرة اخرى و يحرص كل الحرص على ان يتعافى منها بكل الطرق و هنا ايضا تصدق مقولة ( تألم حتى تشفى ) .
و ننتقل الى المرحلة الاكثرهدوءا وهى المرحلة التى يبدا الشخص نفسه فى ترتيب اولوياته و ايضا فى تخطيط حياته و مستقبله بطريقة مختلفة واعادة برمجة عقله بشكل افضل وهنا يطرح سؤالا اخر ماهو شعورى الان ؟ و تكون الايجابة هنا اكثر حكمة و نضج واختلاف فى نظرة الامور وهى عدم الرجوع الى الخلف و الاستمرارية فيما انا على… و اذا وصل الشخص الى هذه النقطة و يكون على اقتناع بها كامل نستطيع ان نقول انه وصل الى درجة التعافى و هى درجة من درجات الشفاء و ليس الشفاء التام و لكنه بدا و تنقل فى مراحل الشفاء ووصل لدرجة قوية فى انه يستطيع ان يكمل الباقى بكل هدوء و سلام نفسى داخلى قادر على ان يخلق منه شخص جديد و مختلف نهائى على ما كان ….لان الالم بيحتاج لقوة شخصية وارادة و عقل ناضج قادرعلى مواجهة الامور بشكل سليم ….و اذا استطعت عزيزى المتعافى ان تصل الى درجة الوعى و الاحساس بانك انسان قوى قدرت ان تتخطى و تجتاز هذه المرحلة سوف تكتشف فى نفسك سمات لم تكن تعرفها عنها من قبل و هى انك قوى اكثر ما كنت تتخيل او تتوقع – انك حقيقى شخص ناضج و حكيم فى تصرفاتك و حكمك على الامور و خصوصا انك لم تتراجع لحظة واحدة فى وقت ما كان المك ينذف و تصرخ من الوجع نظريتك فى حكمك على كافة المستويات سوف يختلف فيما بعد وهنا نستطع ان نقول ….عليك ان تبدا بداية جديدة و لكنها قوية لانك كسبت نفسك و فى نفس الوقت انتصرت عليها و كنت اقوى من اى الم
( تألم حتى تشفى )
بداية جديدة …