دردشة ،،،
مناقشة “التغير المناخي”.. قضية وجود للبشرية ..
بقلم / أحمد عبد الحليم
عندما تطرح عبارة “تغير المناخ” على الساحة فلابد أن ننتبه ونتساءل عن ماهية التغيرات؟ ولماذا طرحت في هذه الآونة ؟ وما أسبابها ؟ وما ينبغي فعله لإزاحة الأخطار إن وجدت؟ مع الأخذ في الاعتبار أن تلافي الأخطاء البشرية أمر حتمي حتى لا تتكرر ويتم العلاج على الوجه الأكمل.
أن “تغير المناخ” هو التحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس، منها تحولات طبيعية حدثت من خلال التغيرات في الدورة الشمسية مثلاً وهذه أمور طبيعية، أما منذ بداية القرن التاسع عشر، فكان السبب في “تغير المناخ” يرجع أساساً إلى أنشطة العنصر البشري بحرق الوقود الأحفوري، مثل الفحم والنفط والغاز وعادم السيارات وغيرها، مما نتج عن ذلك إنبعاثات غازات الدفيئة التي تعمل غطاء يلتف حول الكرة الأرضية، مما يؤدي إلى حبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة، وبالتالي أصبح “تغير المناخ” على مستوى العالم، فلم يختص ببلد دون غيرها، لأنه التحول في الظواهر الجوية العالمية المرتبطة بزيادة في متوسط درجات الحرارة العالمية، وهو ما حدث فعلاً حول العالم في العقود الأخيرة، وهذه الظاهرة أثرت على مختلف الموارد مما تسببت في أضرار للبشرية والكائنات الحية، كما تشكل تهديداً أمنياً حقيقياً خاصة على الأمن الغذائي والصحة، فمن هذا المنطلق وبهذه الأهمية الشديدة لاقت قضية “تغير المناخ” اهتماماً كبيراً من خلال مؤتمرات الأمم المتحدة، وذلك لوجوب وضع استراتيجيات للتخفيف من حدة ظاهرة “تغير المناخ” والتصدي لكل التهديدات فيها من خلال ملف عالمي.
هناك دول كبرى كانت لا تعترف بأي أبحاث علمية في هذا الشأن وكانت تقلل من صحة نتائجه بالبحث عن سبل العلاج، كما أن هناك دول نامية ليس لها إمكانيات للبحث أو العلاج وهم من يدفعون الثمن، وبلا شك أن العديد من الناس يعانون من تداعيات “تغير المناخ” بطرق شتّى، حيث أنه يؤثر على الزراعة والأمن الغذائي، ويمكن أن يؤثر على صحتهم وقدرتهم على زراعة الأغذية والسكن والسلامة والعمل، كما أن الأشخاص الذين يعيشون في الدول الصغيرة والجزر والبلدان النامية الأخرى يتأثرون من “تغير المناخ”، وحينما تسوء الظروف مثل ارتفاع مستوى سطح البحر وتسلل المياه المالحة إلى درجة اضطرت فيها تنتقل مجتمعات بأكملها إلى أماكن اخرى، وكذلك في فترات الجفاف الطويلة تعرض الناس لخطر المجاعة في المستقبل.
ونظرًا لأن العالم يتسابق للتصدي للتأثيرات الناجمة عن “تغير المناخ”، والعمل حول واحدة من أكثر القضايا الحاسمة في عصرنا وهي قضية “تغير المناخ”، فقد عنيت دول العالم بمناقشة هذه القضية في فاعليات عالمية في عام 2021 وحتى هذا العالم 2022 لتحديد القرارات الهامة التي تعالج القضية وتخفف من تداعياتها على الشعوب، وعلى سبيل المثال مؤتمر “جلاسكو” لتغير المناخ لعام 2021، ومن المتوقع أن يقام مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ السنوي في شرم الشيخ في مصر عام 2022، وسيعمل على تقدم المحادثات العالمية بشأن المناخ وتعبئة العمل وإتاحة فرصة هامة للنظر في آثار “تغير المناخ” في افريقيا، وأن مصر باعتبارها الدولة المستضيفة لمؤتمر الأطراف المقبلcop 27 ممثلة لقارة أفريقيا، وفى إطار سعيها لإنجاح أعمال المؤتمر وأدائها الفاعل من الناحيتين التفاوضية والتنفيذية بما تقوم به من صياغة وتنفيذ ما يصدر من قرارات والجهود الكبيرة لتنظيم هذا الحدث المهم يقع على عاتق كل مؤسساتها أمرين في غاية الأهمية وهما تسليط الضوء على الجهود الوطنية في التعامل مع قضايا المناخ مع احترام المواثيق والاتفاقيات الدولية وتنفيذ ما يصدر من قرارات.
بات ملف “تغير المناخ” العالمي، قضية أمن قومي تهم شعوب العالم، كما أن هذا الملف العالمي كان حاضرًا بشكل جوهري في كلمة الرئيس السيسي، حينما أشار إلى أن الانتظار وعدم اتخاذ إجراءات عاجلة بشأن “تغير المناخ”، سيكون أمرًا ضارًا على جميع الدول سواء، لأن هذه القضية تشغل مصر وكل دول العالم أجمع، لأنها تمثل قضية وجود وبقاء للإنسان، وحديث الرئيس السيسي عن “تغيير المناخ” كان دقيقا وتتفق عليه النخبة العالمية حينما أشار إلى أن “تغير المناخ” سينتج عنه آثارًا سلبية على مستوى كل اقتصاديات الدولة، وسينتج عنه الكثير من الخسائر المادية.
أن قضية ” التغير المناخ” أصبحت من أهم التحديات البيئية التي تواجه البشرية على مستوى العالم لأنها تؤثر على كافة أوجه الحياة وخاص على الأمن الغذائي والصحة، حيث تعاني مصر من نقص الغذاء في ظل الزيادة السكانية وانخفاض نسبة الإكتفاء الذاتي من بعض السلع الأساسية، وتعاني دول عديدة أيضاً على مستوى العالم من هذا النقص، لذا يجب الاهتمام بهذا الملف الهام العالمي، وأهمية رفع الوعي العام بقضايا “التغيرات المناخية”، وليس فقط من قبيل أن مصر هي الدولة المضيفة لقمة المناخ، في نوفمبر المقبل في شرم الشيخ أو حتى تحويل شرم الشيخ إلى مدينة خضراء، بل أن رفع حالة الوعي أمر ضروري لحل هذه القضية، حيث أن رفع الوعي العام ليس مسؤولية جهة بعينها إنما هناك دور حيوي لكل أجهزة الدولة من مؤسسات المجتمع المدني إلى الإعلام بكل روافده فضلاً عن الجهات المعنية بالشباب والتعليم المحليات الجهات التشريعية، فالجميع يسعى لتنفيذ دوره المنوط به في هذا الشأن، وهذا ينطبق على جميع شعوب ودول العالم وليس مصر فقط إنها قضية عالمية هامة يجب الإهتمام بها لأنها تمثل قضية وجود وبقاء للإنسان.