يعرف الظلم لغويا بانه هو وضع الشيء في غير موضعه، و اصطلاحًا فهو وضع الشيء في غير موضعه سواء بالزيادة أو النقصان, ويعرف أيضًا بأنّه استبدال الحق بالباطل ، والاعتداء على اعراض و اموال الغير بغير الحق.
وقد يظلم الانسان نفسه بم يقترفه من المعاصي وسعيه وراء الشهوات او التقصير في العبادة وقد يظلم غيره بصور متعددة كالاعتداء على حقوقهم واعراضهم وشهادة الزور، والكذب والغيبة والنميمة، او بالسب والبهتان.
وكلمه ظلم تأتى من الظلمة والسواد وكذلك يتصف الإنسان الظالم بسواد القلب وقبح السليقة ودناءة النحيزة.
والظالم ذو نفس ظلامية و ذو شخصيه نرجسية سيكوباتية واوليات اهدافه هى حرب المصلحين والمفكرين ناشرا للفساد مباهيا بجبروته وعنجهيته وغير عابئا بما سيعانيه الآخرين من شره ونتائج افعاله فهو يتبع خطوات الشيطان والشيطان يستعين به في تحقيق خططه ومآربه.
عن بن جابر – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
“اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم”
وفى الحديث الشريف ربط رسولنا الكريم ما بين الظلم وشح النفس فالظالم بطبعه انسان شحيح النفس حقود يطمع فيما هو ملكا للغير فيعتدى على ممتلكاتهم ثم بعد ان يمتلك هذه الاموال يكنزها ويبخل بها. كما يتفق الحديث ايضا مع قوله تعالى :
“وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ “وفى الآية الكريمة توضيح لقيمة و عظمة جهاد النفس التى تخفى بداخلها شحا وكيف ان التغلب على هذه الصفة القميئة لهو من المبشرات في الدنيا و الآخرة بالفلاح و الفوز والنجاة والخلود في النعيم .
وفى الحديث الشريف ايضا ربط ما بين الظلم وآثاره الضارة على الظالم وعلى المجتمع الذى يقع عليه هذا الظلم ولنا عبرة في الاولين الذين عاشوا في الظلم والظلمة فما كان حالهم الا انهم سفكوا دماء بعضهم بعضا واستحلوا محارمهم وان في ذلك لذنب عظيم وكرب شديد.
فللظلم تبعات مدمرة للمجتمع شديدة الفتك به عميقة الأثر في انحطاطه فهو يهدد بزوال النعمة وزوال الملك وانحراف الطباع الحسنة و ازدياد الاوجاع والاسقام وازدياد الفقر وذهاب البركة في الابناء والأموال وازدياد معدل القتل والتعذيب وغلاء المعيشة.
الظلم يخلق الاضطراب بين الأفراد والجماعات وينشر الرعب والبغضاء، ويحيل الحياة إلى جحيم ،و في طياته ينمو النفاق ويترعرع، ويقل التراحم ويقتل الود ويكثر الشقاق وتشتد الخصومات، ويضعف الايمان وتُهدر الحرية وتنعدم الكرامة الإنسانية ،والمجتمعات التى يغشاها الظلم هى تلك المجتمعات الاكثر عرضه للوقوع فريسة في يد المستعمرين نظرا لما آل اليه حالها من التشرذم والانحطاط.
فما انتشر الظلم في قرية إلا قضى عليها ولا في أمة إلا أهلكها و أفناها، ولا اتصف به شخص إلا كان هالكا لا محالة “وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا “(الكهف: 59)
فالإنسان الذى يعيش اسيرا للظلم والخوف يصبح ضحية للإرهاب والجهل يعيش فاقدا لإنسانيته ، واحترامه لذاته فيفقد ثقته بنفسه، وتتعطل ابداعاته وتهدر طاقاته، ويصاب بالإحباط واللامبالاة.فإن لم يوجه الانسان طاقته لتنميه ذاته توجهت تلك الطاقات لشهوات البطن والجنس مما يوقع الانسان والمجتمع في الضلال وغياهب الرذيلة وتصبح كل هذه المخرجات نتاج الظلم ونتاج الخنوع والخضوع له.
فأن كان هناك امة وقع عليها ظلما وارادت التخلص منه فعليها تذكّر دائما بمصير الظالمين وسوء عاقبتهم. وعليها اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى فهو منقذها وهو مولاها ,ومن الامور التى تساعد على رفع الظلم هو ان يساعد افراد هذه الامة بعضهم بعضا ويتعاونوا على البروالتقوى ويتحدوا حتى يتخطوا شفا هذه البئر السحيقه التى اصبحت منهم قاب قوسين او ادنى. وعلى المظلوم ان يقاوم الظلم من داخله،ولا يستسلم له ويعتبر ذلك تحديًا له، فلا يدع للظالم الفرصة لأن يهزمه من الداخل . ويجب على هذه الامه ان لا تستسلم وتذعن للظالم ولها ان تعلم ان اى دعوة اذعان للظالم انما هى دعوة للباطل سوف تذهب بهم الى المجهول وتلقى بهم في غياهب الفقدان والاندثار كما استلزم ايضا ان تسال الله دائما أن يحق الحق و أن ينصر المظلوم .ولا تساعد الظالم على بسط نفوذه وظلمه” وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ”
وليعلم الظالم ان عاقبته في الدنيا قبل الآخرة وليتذكّر أنّ الجزاء من جنس العمل، فقد يطال ظلمه احد محبيه او اقرباؤه.
وان الله سبحانه وتعالى يهلك الظالمين بالظالمين وينجى المخلصين المؤمنين رافضي الظلم ويخرجهم من بين الظالمين سالمين .
قال تعالى : وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ.
فلا يعتقد الظالم انه ناج بفعلته بل يؤخره الله لوقت معلوم
وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ.
فلا يظن الظالم انه بمفازة من العذاب قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ﴿٨٧ الكهف﴾
” وسيعلم الذين ظلموا اى منقلب ينقلبون”
ان الله سبحانه وتعالى يبقى ويحفظ الأمم العادلة و إن كانت كافرة ويهلك الله سبحانه الأمم الظالمة و إن كانت مسلمة اهلها لا يفارقوا المساجد.
“إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ”
.