فخ التهميش الإلكتروني!
بقلم/ د.محمود فوزي
هل تعاني قلق التهميش والإقصاء الاجتماعي، والاستبعاد من التواصل مع عالم السوشيال ميديا الافتراضي؟، هل تعاني من تدني مستوى جودة الحياة المتصورة لديك؟، وهل تشعر بالعجز عن تلبية وإشباع احتياجاتك من التفاعل والارتباط الاجتماعي؟.
إن كنت مصابًا بأي من الأعراض السابقة؛ فأنت تواجه خطر التصدي لأعراض موازية لظاهرة الخوف من فوات الفرصة(FoMO) ، تلك الظاهرة التي تنطوي علي عنصرين أساسيين؛ هما: (التخوف من اقتناء الآخرين فرصًا أكثر شغفًا ومتعة، الرغبة المستمرة الملحة في التواصل الدائم مع الآخرين داخل الشبكة الاجتماعية).
ويعد “فومو” ظاهرةً مرتبطةً بإدمان الفرد للهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث تسبب توترًا وقلقًا شديدين له؛ فيصاب بحالة عاطفية سلبية؛ تنجم من تدني مستوى جودة الحياة المتصورة لديه، فيشعر بالعجز عن تلبية وإشباع احتياجاته من التفاعل والارتباط الاجتماعي، كما يعد “الفومو” أيضًا نتاجًا طبيعيًا للعزلة والإقصاء الاجتماعي الذي يصاحبه عدد من الأمراض النفسية؛ كالاكتئاب، والقلق، والخوف الشديد، واضطراب المزاج، والوسواس القهري.
ومن ثم كان اتجاه العلماء جليًا نحو دراسة العلاقة الارتباطية بين الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي وبين كل من الخوف من فوات الفرصة، والتأثير علي الصحة النفسية للمستخدم الذي يفر لهذه الوسائل للهروب من حالة الحزن والضعف والوحدة والرغبة في تجنب التواصل مع من حوله، فضلًا عن الشعور بإرهاق وسائل التواصل الاجتماعي نتيحة الكم الهائل من المعلومات التي تفوق قدرات المستخدم، وتشعره بالقلق والذهول.
ومن جانبهم؛ فقد وظف المسوقون والمعلنون هذه الظاهرة؛ كأسلوب تسويقي يمكنه إحداث ثمة تأثير على السلوك الشرائي للمستهلك؛ لاسيما عبر الإنترنت؛ للاستفادة مما يموج به الفضاء الرقمي من منصات وتطبيقات وتكنيكات تسويقية وترويجية؛ لإقناع عملائهم والتأثير على دوافع سلوكهم الشرائي من خلال استغلال حالة القلق والخوف المثارة لديهم من فقدان أو خسارة شيء ما مهم في حياتهم إن لم يستخدموا السلعة أو الخدمة التي تقدمها الشركة أو العلامة التجارية.
وبالطبع سيظهر لـ”فومو” وظائف استخدامات أخرى؛ لاسيما مع بروز علوم التسويق العصبي المهتمة بدراسة كيفية عمل الدماغ البشرية، وتفاعلها مع المحفزات التسويقية، وما تمارسه من تأثير على الاتجاهات السلوكية للمستهلك؛ ومن ثم ستحاول الأبحاث التسويقية المقبلة أن تفتح آفاقا مستقبلية نحو تحليل وتفسير ثمة تأثير يمكن أن يمارسه “فومو” على هذه السلوكيات الشرائية عبر الإنترنت.
على الجانب الآخر ستؤدي هذه الأعراض النفسية والذهنية الناتجة عن إرهاق وسائل التواصل الاجتماعي Social Media Fatigue إلي توليد رغبة قوية في الانفصالDesire to Disconnect لدى المستخدم؛ لإزالة السموم الرقمية، والانتقال من فوضي الحياة السلكية واللاسلكية بشكل جزئي أو كلي إلي أنشطة أخري أكثر حيوية؛ دون فقدان الاتصال الشخصي المباشر بالآخرين؛ وهو ما يمنح الفرد فرص استعادة التوازن، والشعور بالسعادة والراحة والصحة الذهنية، وهو ما يعرف بفرحة فوات الشيء “جومو” joy of missing out