900
900
مقالات

بكره أحلى …

900
900

بقلم / رشا سعيد
أبو الهول والشائعات ..

بين حين وأخر يصدر لنا البعض عدد من الشائعات لإثارة البلبلة والفتن ، وللأسف يسير ورائها الكثير ويرددها دون وعي وإدراك ، فمئات الشائعات تتردد على الألسنة وعبر صفحات السوشيال ميديا يومياً ، منها ما يصدقه العقل ومنها ما لا يمكن تصديقه لكن الفراغ واللهو جعل بعضنا يصدقها ،بالرغم من أن الشائعات كانت في السابق مجرد أقاويل من بنات أفكار مروجها تروج بين الجيران في البيوت وفي الحارات والشوارع لهدف ما وكانت تصل بسرعة الصاروخ وسرعان ما تحقق الهدف المرجو من نشرها ، لكنها سرعان ما يتم إخمادها لثقافة الفئات المستهدفة وترجيح العقلانية قبل الترديد ، أما الآن فالسرعة والفئات المستهدفة زادت ، كذلك الثقافة والتمدن ، لكننا أصحبنا نعشق مالا يصدقه العقل بل ونبحث عنه ونعتبره من المسلمات .
وخلال الساعات الأخيرة ، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بصور ومقاطع فيديو لتمثال أبو الهول وهو مغمض العينين وادعى أصحابها إنها علامة تنذر بحدوث كارثة أو حدث مهم .
وسرعان ما تناقلته الصفحات والمواقع ، الذي استوجب الرد من الجهات المسئولة ، فقد كشف مصدر بوزارة السياحة والآثار أوضح أن العينين للتمثال المتداول بمقاطع الفيديو والصور تم إجراء تعديل عليها من خلال برامج الفوتوشوب والأمر لم يتوقف عند العين بل تخطاه للأنف، ويستطيع أي متخصص أو حتى غير متخصص كشف زيف تلك الصور ، كما كشف مصدر أخر عن مفاجأة أن إحدى الصور المتداولة ضمن المنشور ليست لتمثال أبو الهول، بل هي مستنسخ صنع منذ عدة سنوات بالصين، وهي الصورة التي تظهر بها العين غائرة جدا.
وهنا علينا ألا نصدق كل ما ينشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي والانسياق ورائها بل التروي والبحث بالمواقع الرسمية للجهات المسئولة ، التي توضح الحقيقة ، لعدم إثارة الذعر و البلبلة .
والجدير بالذكر أن تمثال أبو الهول دائماً مثار للجدل والشائعات منذ قديم الأزل لما يحيطه من غموض وروعة بناء أجدادنا الفراعنة ، فهو محط الأنظار والمطامع ، وهذه الشائعة لم تكن هى الشائعة الأولى التى أثيرت حول أبو الهول، فمن أبرز الخرافات ما ادعاه البعض من أن تمثال أبى الهول قد نحت ليمثل المسيخ الدجال.
ورد على تلك الخرافة الدكتور شريف شعبان، وقال فى كتابه “أشهر خرافات الفراعنة”، إن بعض الكتاب ذكر أن المسيح الدجال أمر بنحت تمثال ضخم قبل حدوث طوفان نوح العظيم، وجعله رمزا له، وهو الموجود في الجيزة والمعروف بـ “أبو الهول”، وذلك دون الاستناد لأي مصادر موثقة.
وشدد على أن حجم ووصف أبو الهول لا يناسب أبدًا مع “المسيخ الدجال” علميا، بحسب ما ذكره الرحالة والمؤرخ عبد اللطيف البغدادي، وهو ما يكذب تلك الشائعة.
من ضمن الشائعات أيضا تلك التي أثيرت في العام 2020، عندما قيل إن أبو الهول هو نبي الله إدريس.
وفى رده عليها، قال عالم الآثار الدكتور زاهي حواس، إن هذه الشائعة ليس لها أي أساس من الصحة، وتخيلات بعيدة عن العلم، مشيرا إلى أن أبو الهول يعود إلى عهد الملك خفرع وأن نحته تم كي يظهره في شكل حورس وهو يتعبد إلى الإله رع.
جدير بالذكر أن تمثال أبو الهول في الجيزة جرى نحته في عهد الأسرة الفرعونية الرابعة “2613-2494 ق.م.”، ويعد من أقدم التماثيل الموجودة في المحافظة ، و هوتمثال لمخلوق أسطوري بجسم أسد ورأس إنسان وقد نحت من الحجر الكلسيّ، ومن المرجح أنه كان في الأصل مغطى بطبقة من الجص ” الجبس ” وملون، ولا زالت آثار الألوان الأصلية ظاهرة بجانب إحدى أذنيه.
يقع على هضبة الجيزة على الضفة الغربية من النيل في الجيزة، مصر، ويعد أبو الهول أيضاً حارساً للهضبة. وهو أقدم المنحوتات الضخمة المعروفة، يبلغ طوله نحو 73.5 متر، من ضمنها 15 متر طول قدميه الأماميتين، وعرضه 19.3 م، وأعلى ارتفاع له عن سطح الأرض حوالي 20 متراً إلى قمة الرأس. يعتقد أن قدماء المصريين بنوه في عهد الملك خفرع (2558 ق.م -2532 ق.م)، باني الهرم الثاني في الجيزة.
ومن المعتقد أن تمثال أبي الهول كان محجراً قبل أن يفكر الملك خفرع في نحته على شكل تمثال، وينظر هذا التمثال ناحية الشرق لذا قد تم تغيير الجهات الأصلية في القرن الماضي لتوافق نظر أبي الهول. وهنا علينا النظر والتدقيق بعين العقل في عدم الانسياق وراء كل ما يبث عبر مواقع التواصل الاجتماعي والترند ، فهوس الترند يطاردنا كل يوم كما علينا معرفة أن أي عدو يحارب الأفكار لذا علينا بالعقل والتدبر دون إثارة الفتن والشائعات.

اترك تعليقك ...
900
900
زر الذهاب إلى الأعلى