بقلم / أحمد عبد الحليم
بطبيعة الحال أن الإنسان السوي يعتاد على ترتيب الأفكار في الأمور الإيجابية، وقادراً على الاختيار السليم بالانطلاق إلى نقطة البداية حينما ينشغل ذهنه بزحمة الأفكار، وذلك من حيث إنها الملاذ الطبيعي للمفكرين والمبدعين للخروج بنتاج مثمر وإيجابي يعود على المجتمع بالنفع والارتقاء، ولكن هناك البعض لا يستطيع تحديد الأفكار وترتيبها، وغالباً ما يتخبط ويبدأ بالأفكار السلبية أو التي لا تواكب الظروف أو الاحتياجات المُلحة للمجتمع، مما يؤثر على الفرد نفسه والمجتمع بالسلب، ومن هنا لابد من وقفه حاسمة لأي إنسان لتحديد إختياره بالأفكار الإيجابية والابتعاد عن السلبية، فعندما تقرأ سطور هذا المقال فتأكد إنك وصلت إلى السبيل المأمول لتحديد أفكارك بشكل إيجابي، بدلاً من أن تحتار من زحمة الأفكار التي تشغل عقلك.
في البداية يجب على الإنسان السوي أن يعمل على إعادة برمجة عقله وإحداث تغيير جذري في حياته حتى يبرز قوّة عقله الباطن ومدى تأثيره على حياته، وأن يساعد نفسه في اختيار الأفكار الإيجابية بالتحديد والابتعاد عن السلبية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، هذا من حيث أن حياتنا تأتي من اللاوعي بنسبة تقترب من 95% ، وعلى ذلك يجب أن يستغل هذا الأمر بالاستغلال الأمثل.
نعم كلّ واحدٍ منّا يحمل مخططًا ذهنيًا حول نفسه على المستوى اللاواعي، هذا المخطّط موجود وظاهر، وهو ما يُعرف بالصورة الذاتية التي تبدأ بتكوين نفسها خلال مراحل عُمرية مبكرّة، ويمكنها أن تدمّر حياتك بأكملها إذا سمحت لها بذلك، وذلك بناء على المعتقدات المرافقة للصورة الذاتية من حيث إعتمادها بشكل رئيسي على نجاحاتك وانتصاراتك أو إخفاقاتك، والمواقف التي تعرضت لها من التجارب السابقة سواء سلبية أم إيجابية، فيبني عقلك صورة لك عن نفسك ويبدأ في التصرف على أساسها، كل ذلك يأتي بتوافق لجميع أفعالك ومشاعرك وسلوكياتك مع صورتك الذاتية، فإذا كنت تعتقد أنك فاشل في مجالٍ ما، سيجدُ عقلك يجعله حقيقة واقعة، أما إذا إعتقدت أنّك شخصٌ ناجح، فعقلك سيعمل على إيجاد مواقف تثبت حقيقة ذلك وحتماً ستحقق النجاح.
هناك أساليب لتغيير صورتك الذاتية على المستوى اللاواعي، ربّما لم يسبق لك تجربتها، وفي حال طبّقتها جيّدًا، ستجدُ انّه قد أصبح في وسعك القيام بأكثر ممّا تتخيل من أمور فعالة ومحددة، خاصة مع الاختيار للأفكار الإيجابية بدون تردد، بداية أن تقوم بتفعيل آلية النجاح الخاصّة بك فيما يُسمّى بالـ “العقل اللاواعي” ليس عقلاً على الإطلاق، وإنّما هي “آلية مؤازرة” تسعى لتحقيق الهدف، وتتألف من الدماغ والجهاز العصبي، والمستخدمة من قبل العقل، أي تحول إلى “آلية الابتكار” وصنع معجزات حقيقية في حياتك، مع تعزيز الأهداف الإيجابية والابتعاد عن السلبية التي تؤدي للفشل، وفي حال ما تمّ استخدامها جيدًا، يمكنها أن تتحوّل إلى آلية نجاح وتصبح قادراً على اختيار أجود الأفكار لتبدأ بها، وتساعدك في مجالات الحياة بشكل عام.
من المؤكد أن الاستعانة بالتصور الإبداعي والابتعاد عن القلق سيكون له الأثر الإيجابي على الفرد والمجتمع، وبالتالي ستصبح خبيراً في اختيار الأفكار المفيدة وقادراً على صنع أفكار مبتكرة جديدة، فإذا كنت تقضي كلّ وقتك قلقًا بشأن ما لا ترغب في حدوثه، فبذلك قد أرسلت إشارات خاطئة إلى عقلك وتخلق تصوّرات خاطئة تجاه ما لا تريد حدوثه، حيث أن العقل لا يفرّق بين الحقيقة والخيال، وبين الإثبات والنفي، فبدلاً من الشعور بالقلق، عليك البدء باستخدام قوّة التصوّر الإبداعي لصالحك بالإيجابيات، واستخدامه لتعزيز وتقوية فرص نجاحك في اختيار الأفكار الجيدة وفي مختلف مناحي الحياة، حيث أنّ تصوّر هذا الأمر سيؤدي إلى خلق مشاعر مرتبطة برغبتك التي تريد تحقيقها.
خلاصة القول وما نريد تحقيقه أن يقف الإنسان وقفة حاسمة مع نفسه في الحياة، وقتما يريد اختيار الأفكار، على أن يبتعد عن أي مصدر يضلله عن الصواب، فإذا كان قد تعود على الأفكار السلبية في الماضي ورسخت في ذهنه منذ الصغر، وتعلق بها لسنوات يمكن أن يتخلص منها بالمثول إلى الأفكار الإيجابية ويتعود على أن يكون قادراً على اختيارها وتفعيلها بشكل ينفع الفرد ومجتمعه وأن تكون نابعة من فكر إيجابي جديد ومن صورته الذاتية ومخزون عقله بآلية الابتكار والإبداع لكي يصدر لذاته صورة جيدة ممزوجة بطاقات إيجابية أثمرت عليه بالنجاح والارتقاء.