في لقائي اليوم سأتّحدث أنا، سأحدّثك عن والدي؛ هو القدس بنورها وشعاعها، هو الذّاكرة الّتي لا تخبو بين طيّات الأزمنة المتقلّبة، هو الأرض الموسومة في القلب، هو التّاريخ الّذي لا يخطّ بأكاذيب المنتصرين. في يديه ترتسم خريطة مدينتي بدقّة، أزقتها وشوارعها وحجارتها وأشجارها. أناسها قابلتهم بحكاياه الدّافئة الشّجيّة. هو الأمل الّذي يشعّ كلّما ضاق الأفق، تنزلق مع دمعاته أوراقًا تساقطت عن أغصانها شوقًا لساعديه. ربّما في يوم ما سترى مرآتي، أو مرآتك، لعلّك تشبهني أو تشبهه، ستكمل عباراته إن تلعثم يومًا. لن تكون غريباً عليه بقسماتك وروحك، رغم أنّني لم أحدّثه عنك كثيرًا في البداية، أظنّه يقرؤك في عينيّ، أو يسمعك في نبرات قلبي، أو يستمع إلى حكاياتك من عثرات لساني حينما تنزلق الكلمات منه بعفويّة، وتحدّثه حروفها عنك.
كان أجمل لقاء معك، حينما أخبرتني بما كانت نفسي تتوق إليه، قلت لي: إنّ اقترانك بي أصبح أكبر أمنياتك، فكان يوم مولدي، تبدّدت كلّ أحزاني وغربتي وآلامي، ترى هل قرأت عينيّ لحظتها؟
لم يكن الأمر مفاجأة لأبي وأمّي حينما أخبرتهما عن رغبتك بالاقتران بي. حديثي معهم في الآونة الأخيرة كان مبعث سعادة لهما، كنت محطّ إعجابهما، أظنّهما كانا يشعران بما كان يخبّئه قلبي لك.
اترك تعليقك ...