صدر عن أ. دار الهدى، عين زحالقة هذا العام ٢٠٢١ قصة الأطفال برتقال يافا
للدكتورة روز اليوسف شعبان ومن رسومات مريم الرفاعي
جاءت القصة في ٣٤ صفحة من الحجم المتوسط
القصة تحكي عن الجد سليم وحكاية عمله مع البرتقال.
حيث يذهب هو وعائلة ابنه أحمد إلى بحر يافا، وهناك تظهر سفينة يرتفع فوقها علم مرسوم عليه صورة برتقالة من نوع البرتقال الشموطي ومن هنا تبدأ الحكاية، حيث تسأله حفيدته: ما هذا العلم يا جدي، فيخبرها أن هذا يعني أن السفينة تجارية وتحمل معها البرتقال الشموطي وهو أجود البرتقال الذي تشتهر فيه يافا، حيث يتم تصديره إلى معظم الدول الأوروبية، ثم تسأله عن دبوس ذهبي يأخذ شكل ثمرة البرتقال الشموطي تراه دوما في الخزانة الزجاجية في غرفته، فيجيبها أن هذا الدبوس ورثه عن والده عبد الله الذي ورثه عن والده يحيى، وهو بصدد أن يورثه لأبيها أحمد. وأن هذا الدبوس كان والده دومًا يضعه على كوفيته فقد كان يرمز إلى برتقال يافا الشموطي عالي الجودة الذي كانة يتاجر به ويصدره إلى بلاد عدة مثل بلدان أوروبا كبريطانيا وألمانيا ورومانيا، كذلك إلى مصر واسطنبول.
وربما أرادت الكاتبة إلى الإشارة إلى أن الفلسطيني يحتفظ بكل الذكريات التي تعمق أحقيته في الأرض، فالدبوس رمز للتذكير بالمنتجات المنهوبة، تمامًا كما هو المفتاح الذي يتناقله الأجيال عن بعضهم، للتذكير بأننا نحن الأصحاب الحقيقيين للأرض وما زلنا نحتفظ بالمفتاح الأصلي لأبواب بيوتنا، كذلك خارطة فلسطين التي تعلق تقريبًا في عنق كل فلسطيني للتشديد على أننا شعب لا ينسى.
أيضا حدثها جدها عن الاحتلال الذي دمر واستولى على بيارات البرتقال بعد أن تم تهجير أهالي يافا وغيرها من المدن والقرى ككفر عانة، إجريشة، الشيخ مؤنس بالسفن إلى لبنان. وفي هذا نموذج مصغر لحكاية نهب وطن بأكمله، كما وتركز على أننا شعب صامد لا يعرف اليأس فرغم كل جبروت وظلم المحتل إلا أننا نتمسك بكل شبر في أرضنا ، فالتهجير لم يستطع أن يمنع جدها عبد الله أن يواصل زراعة البرتقال في البيارات وإعادة تصديره بعد عودته مع بعض المهجرين عن طريق التسلل عبر الحدود، إذ قام باستعادة بعض البيارات بعد عدة محاكم، فتجارة البرتقال بالنسبة له تاريخه وجذوره وأصالته.
تماسك الأسرة وأهمية حكايا الجدات والأجداد برز أيضًا في هذه القصة التي وضحت مدى التصاق الأحفاد بأجدادهم ومدى تمسك الأجداد بأحفادهم وحرصهم على نقل التاريخ لهم بصورة مبسطة تتماشى مع أعمارهم ومدى استيعابهم.
كما برعت الكاتبة في التعريف عن أحد منتوجات يافا الزراعية المهمة وهي البرتقال بجميع أنواعه وقامت بوصفه بدقة، أيضًا استطاعت أن تطلع الأطفال على تاريخ يافا وكيفية تهجير أهلها من بيوتهم وغيره من القرى إلى بيروت، وعلى كيفية استيلاء الاحتلال على بيارات البرتقال والسفن التجارية وفي ذلك توثيق لأهم الأحداث المؤلمة التي ارتكبها الاحتلال في حق أهل فلسطين،
كما بينت أهمية التمسك بالجذور والتاريخ والأصالة من خلال تمسك الجد عبد الله بتجارة البرتقال اليافاوي الشموطي الذي ورثه عن أجداده.
بعد الانتهاء من الرحلة تعود العائلة إلى البيت فتجد كل شيء فيه مقلوبًا رأسًا على عقب، وأن الدبوس الذهبي قد تم سرقته، مما يؤدي إلى سقوط الجد مغشيًا عليه ويتم نقله إلى المستشفى.
لغة القصة قوية متينة تعمل على إثراء لغة الأطفال بمفردات مثمرة، وقد رافق القصة صورًا ملونة جاذبة برعت ريشة الرسامة مريم الرفاعي فيها فكانت متناسبة مع أحداث القصة وجعلت من القصة عملا مشوقًا لمتابعته من قبل الأطفال.
قصة متكاملة العناصر ثرية تضاف إلى مكتبة الطفل العربي، ويا حبذا لو تم ترجمة مثل هذه الأعمال إلى اللغات المختلفة.